مرحلة الطفولة هي مرحلة مهمة في بناء شخصية الفرد باتفاق معظم علماء النفس والباحثين. وهو ما يستدعي من الأسرة وخصوصاً الأم في مجتمعنا أن تعي تماماً تفاصيل هذه المرحلة وبخاصة ما يتعلق في مجال نمو اللغة.. فنمو اللغة لدي الطفل على وجه الخصوص هو الهدف وتنبع أهمية اللغة من أنها وسيلة الاتصال الرئيسة بين الناس حيث يذهب بعض الفلاسفة إلى حد أن اللغة هي الشيء الوحيد الذي يميز البشر عن سائر الكائنات الحية الأخرى.
فمتى يبدأ الطفل في تعلم اللغة؟
أثبتت الدراسات الحديثة التي أجريت خلال العقود الثلاثة الأخيرة في مجال علم نفس النمو على أن الطفل الوليد يملك قدرات حسية أكثر بكثير مما يعتقد الناس، فمثلاً تبين أن الطفل ذا الثمانية والأربعين ساعة قادر على تتبع سير حركة جسم متحرك بعينيه بشكل بطيء ثم تتزايد قدراته بشكل سريع خلال الأشهر الثلاثة التالية.
كما أن الوليد ذو الخمسة عشر يوماً يمكن أن ينظر باتجاه الصوت كما يمكنه أن يميز منديلاً من القماش يحوى رائحة الأم من آخر يحتوي رائحة امرأة أخرى إذا كان يتغذى من صدر أمه.. تلك الدراسات أكدت الفرضية القائلة بأن: تعلم الطفل يبدأ منذ اللحظة الأولى لولادته، فهو يسمع الطبيب الذي قال ولد جميل، أو بنت حلوة لأن أذنيه مفتوحتان رغم أن عيونه مغلقة.
يعتقد علماء النفس النمو أن تعلم الطفل للغة لا يبدأ عندما ينطق هذه الكلمة ولكن تعلمه للغة يبدأ منذ اللحظة الأولى لولادته ثم يستمر كنتيجة لعمل شاق من قبل الوالدين والطفل في خلال العام الأول من عمره فنمو اللغة؟ هو عملية تدريجية مستمرة فالطفل ذو الأشهر الثلاثة الأولى يصدر أصوات مناغاة رائعة لآذن كل أم يعتقد أن هذه المرحلة في حياة الطفل مهمة جداً لنمو اللغة لديه فيما بعد لذا على الأم أن ترد عليه دائماً فهو يستجيب لصوت المناغاة بشكل أكثر كلما حدث التجاوب من جانب الأم، فالطفل قادر على تمييز وجه الأم عن وجوه الآخرين كما أن هذه المرحلة مهمة جداً من حيث أنها البداية في تمييز الأصوات العالية والمنخفضة والأصوات السعيدة وغير السعيدة بدليل أنه يسكت إذا صرخت عالياً في وجهه.. وبكاء الطفل في هذه المرحلة يمكن أن يكون مؤشراً على ضرورة وضعه تحت الإِشراف الطبي لأن الطفل المولود عادةً بإعاقة جسدية أو خلل في الدماغ تكون عادة نوبات البكاء لديه غير طبيعية كما أن الصوت يكون حاد النبرات ومميزاً عن بكاء الطفل الطبيعي. وعندما يبكي الطفل تتسع الرئتان وتمتلئان بالهواء الذي يخرج من الأنف والفم مروراً بأعضاء جهاز الكلام وهي نفس الميكانيكية اللازمة لحدوث النطق في المستقبل وبالتالي فإن هذه المرحلة الأولي من البكاء والأصوات الأخرى التي يصدرها الوليد تعتبر مرحلة أساسية لنمو اللغة لدى الطفل مع انتهاء العام الأول من عمره تقريباً. وفي الشهر التاسع أو العاشر من عمر الطفل يبدأ بإصدار بعض الأصوات مثل دا ..دا..دا.. ما .. ما ، انه في المراحل التالية من تعلم لغة الأهل وهو بحاجة إلى حديثك معه وحوارك إياه وبحاجة إلى كثير من الحديث وسماع صوت الأم فالدراسات الحديثة تؤكد أن الطفل يتعلم لغة الأهل عن طريق التفاعل مع الأهل عامةً والأم بشكل خاص وليس فقط عن طريق التقليد معهم الاعتقاد سائداً من قبل.. مع نهاية العام الأول تزداد الأصوات التي يصدرها الطفل تنوعاً وتصبح أكثر مشابهة لكلام الكبار من حيث اللحن والنبرة والاتساق رغم أن الكلمات غير واضحة المعنى.
كثير من الأمهات يعتقدن أنهن يفهمن ما يريد الطفل في هذه المرحلة رغم عدم وضوح المعنى إلا في حالة الطفل الذي يعاني من مشاكل في حاسة السمع فإن الأصوات التي يصدرها تفتقد إلى الاتساق واللحن والنبرة ثم بعدها ينطق الطفل الكلمة الأولي من قاموسه اللغوي معلناً انتهاء مرحلة ما قبل اللغة